الجرائم الواقعة على الأشخاص في قطر

جرائم الاعتداء على الاشخاص هي الجرائم التي تنال بالاعتداء أو تهدد بالخطر الحقوق ذات الطابع الشخصي البحت أي الحقوق اللصيقة بشخص المجني عليه والتي تعتبر لذلك من بين المقومات الأساس لشخصيته وتخرج –لأهميتها الاجتماعية وما ينبغي أن تحاط به من احترام- عن دائرة التعامل الاقتصادي. وهي بذلك تختلف عن جرائم الاموال التي تنال بالاعتداء أو تهدد بالخطر الحقوق ذات القيمة الاقتصادية وهي تدخل في نطاق التعامل الاقتصادي وتتضامن فيما بينها وتكون في مجموعها الذمة المالية
وتُعد الجرائم الواقعة على الأشخاص من بين أشكال الجرائم التي تؤثر مباشرة على أمن وسلامة الأفراد في المجتمع وفي دولة قطر، والتي تُعرف بمستواها المرتفع من الأمن والاستقرار، تظل هذه القضايا موضوع اهتمام السلطات، التي تسعى دائمًا للحفاظ على السلم الاجتماعي والتصدي لأي سلوكيات تنتهك حقوق الأفراد.
أنواع الجرائم الواقعة على الأشخاص:
الجرائم التي تقع على الأشخاص يمكن تقسيمها إلى عدة أنواع رئيسية، تتنوع في خطورتها وأساليب تنفيذها يعد قانون العقوبات القطري (القانون رقم 11 لسنة 2004) أساسًا رئيسيًا في تجريم ومحاكمة الجرائم التي تقع على الأفراد، يتضمن هذا القانون مجموعة من المواد التي تنظم العقوبات المتعلقة بالجريمة وأثرها على المجتمع والضحايا ونشير هنا الي بعض نصوص قانون العقوبات التي تتعلق بالجرائم الواقعة على الأشخاص:
1. الاعتداءات الجسدية
تشمل الجرائم التي تتضمن الضرب والإيذاء المتعمد، والتي تتراوح بين مشاجرات فردية وصولاً إلى العنف الأسري، وقد نص قانون العقوبات القطري في المواد من 308 إلى 313 على عقوبات متنوعة تتراوح بين الحبس والغرامات، بالإضافة إلى تشديد العقوبات في حالات خاصة مثل إذا كان الاعتداء مسبوقًا بإصرار أو إذا كانت الإصابة ناتجة عن الإهمال.
ملخص لبعض المواد:
- القتل: على الرغم من أن معدلات القتل في قطر منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن هذا النوع من الجرائم يظل من أكثر الجرائم صعوبة في معالجة آثارها النفسية والاجتماعية، وقد نص عليها المشرع القطري في المادة 300 من قانون العقوبات القطري حيث نصت على أن:
يُعاقب بالإعدام، كل من قتل نفساً عمداً في إحدى الحالات التالية:
1- إذا كان القتل مع سبق الإصرار والترصد.
2- إذا وقع القتل باستعمال مادة سامة أو متفجرة.
3- إذا وقع القتل على أحد أصول الجاني.
4- إذا وقع القتل على موظف عام، أو من في حكمه، أثناء أو بسبب تأدية وظيفته أو عمله.
5- إذا كان القتل مقترناً أو مرتبطاً بجناية أو جنحة أخرى.
وتُستبدل بعقوبة الإعدام، عقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة، إذا عفا ولي الدم، أو قَبل الدية
ونص أيضا في المادة 301 من ذات القانون على أن: -
سبق الإصرار هو التصميم على ارتكاب الفعل قبل تنفيذه بوقت كافٍ، يُتاح فيه للفاعل الترويِّ في هدوء.
والترصد هو انتظار الفاعل لضحيته في مكان يَعتقد ملاءمته لتنفيذ جريمته.
ويُعد كل من سبق الإصرار والترصد متوفراً، ولو كان تنفيذ الفعل معلقاً على شرط، أو وقع الفعل على غير الشخص المقصود.
ونصت المادة 302 على أن: -
يُعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد، كل من قتل نفساً عمداً في غير الحالات المبينة في المادة (300) من هذا القانون.
ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات، إذا عفا ولي الدم أو قَبِل الدية.
- الاغتصاب: يعد الاعتداء الجنسي على الأفراد من الجرائم الخطيرة التي تؤثر على حياة الضحية بشكل كبير، ويعد الاغتصاب من الجرائم التي تتعامل معها السلطات القطرية بحزم شديد وقد جرم قانون العقوبات القطري هذا في الفعل في المادة 197 منه والتي نصت على أن: يرتكب جريمة الاغتصاب كل من واقع أنثى غير زوجته رغم إرادتها أو بغير رضاها.
- وتعتبر المواقعة قد تمت حال وقوع أي قدر من الإيلاج.
- ولا يعتد بالرضا الصادر عن الأنثى التي لم تبلغ السادسة عشرة من العمر وقت ارتكاب الجريمة، وقد نص المشرع في المادة 198 من ذات القانون على ان عقوبة جريمة الاغتصاب هي الحبس مدة لا تجاوز 14 سنة .
التحرش الجنسي
نص المادة 291 من قانو العقوبات القطري على أن: تُفرض عقوبة الحبس لمدة تصل إلى سنة أو غرامة مالية لا تزيد عن 5,000 ريال، أو إحدى العقوبتين، على كل من يقوم بما يلي:
أ- خدش حياء أنثى عمداً بأي كلمة، صوت، إيماء، أو عرض أي شيء، بهدف أن يصل ذلك إلى سمعها أو يقع بصرها عليه.
ب- التطفل على أنثى أثناء خلوتها.
.العنف الأسري
يعد العنف الأسري من أبرز القضايا التي توليها السلطات القطرية اهتمامًا بالغًا، وفي هذا الإطار، يتم توفير حماية قانونية للضحية من خلال قوانين حماية الأسرة، مثل قانون الأسرة الذي يعزز من حقوق الأفراد داخل الأسرة ويساهم في محاربة العنف الأسر وفق المادة 57 من قانون الأسرة.
لا يوجد قانون بشأن العنف الأسري بشكل خاص ولكن توجد تدابير لحماية الضحايا ومحاسبة الجناة وعلى الرغم من القانون القطري لا يحظر بشكل صريح جميع أشكال العقوبات البدنية على الأطفال الا ان هناك بعض التدابير القانونية التي يمكن اللجوء اليها في حالة التعرض للعنف الاسري للطفل او الزوجة طلب الاستشارة من تطبيق” شاوريني” القطري الذي أطلقه مركز أمان، إذ يهدف التطبيق إلى تسهيل الوصول إلى الخدمات الاستشارية التي يقدمها فريق مركز أمان.
ويمكن للمرأة أو الفتاة طلب المشورة عبر التطبيق والحصول على الرد خلال خمسة أيام عمل على رقم هاتفها الخليوي أو البريد الإلكتروني.
الاتصال على خط العنف الأسري لمركز أمان 919، وسيتم الرد والتجاوب مع الحالة بالوسائل المناسبة.
إذا كان المعنَف طفلًا، فيمكن طلب الاستشارة من تطبيق” ساعدني ” المخصص لحماية الأطفال بقطر.
من يتعرض للعنف الأسري أن يزور المركز شخصيًا، بحال كان لا يرغب بالوسائل الإلكترونية.
يستطيع بحال كان التعنيف الاسري جسيمًا، أو أحدث عاهات وإصابات خطيرة، يجب التوجه لأقرب قسم شرطة وتقديم شكوى على المعتدي، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه.
- السرقة: يمكن أن تشمل سرقة الأموال أو الممتلكات من الأفراد، سواء كانت بطريقة غير عنيفة أو باستخدام القوة. ليك تلخيصًا للنصوص الواردة حول جريمة السرقة والعقوبات المرتبطة بها:
- المادة 334: تُعرِّف السرقة بأنها اختلاس مال منقول مملوك للغير بنية التملك.
- المادة 335: تشدد العقوبة إلى الحبس المؤبد عند توافر ظروف خاصة مثل وقوع الجريمة ليلًا، مشاركة أكثر من شخص، استخدام الأسلحة، أو إذا ارتُكبت في مكان مسكون وبطرق غير مشروعة.
- المادة 336: الحبس لمدة تصل إلى 10 سنوات عند وقوع السرقة في الطريق العام أو وسائل النقل، بمشاركة أكثر من شخص مع وجود سلاح أو استخدام الإكراه.
- المادة 337: الحبس لمدة تصل إلى 7 سنوات للسرقات التي تشمل الإكراه أو استعمال السلاح، أو وقعت ليلًا بشخصين فأكثر أو في مكان مسكون.
- المادة 338: الحبس حتى 10 سنوات عند السرقة على أسلحة القوات المسلحة أو الشرطة. إذا توفرت ظروف مشددة (مثل المادة 336)، تصل العقوبة إلى 15 سنة.
- المادة 339: الحبس حتى 5 سنوات عند سرقة مهمات الاتصالات أو المرافق العامة. تصل العقوبة إلى 10 سنوات عند وجود ظروف مشددة.
- المادة 340: الحبس حتى 5 سنوات للسرقات التي وقعت ليلاً أو باستخدام سلاح.
. التحريض على العنف أو الكراهية
يعتبر التحريض على العنف أو التمييز من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات القطري في إطار حفظ الأمن العام والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. تتضمن المواد القانونية المتعلقة بهذا الموضوع محاربة التحريض على العنف أو الكراهية سواء كانت عبر وسائل الإعلام أو الوسائل الأخرى.
5.الإيذاء النفسي والجرائم الإلكترونية
مع تطور التكنولوجيا، برزت الجرائم الإلكترونية كأحد التهديدات الحديثة. تشمل هذه الجرائم التهديدات عبر الإنترنت والتنمر الإلكتروني، وقد خصصت قطر قوانين لمكافحة هذه الجرائم مثل "قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية" الذي يعاقب على تهديد الأشخاص عبر الإنترنت أو نشر معلومات مضللة تؤدي إلى إيذاء الأشخاص نفسيًا أو اجتماعيًا.
مثال:
o المادة 8 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية القانون رقم 14 لسنة 2014 والتي نصت على أن : تُفرض عقوبة الحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو غرامة مالية لا تزيد عن 100,000 ريال، أو إحدى العقوبتين، على كل من:
o ينتهك المبادئ أو القيم الاجتماعية.
o ينشر أخباراً، صوراً، تسجيلات صوتية أو مرئية تتعلق بحياة الآخرين الخاصة أو العائلية، حتى لو كانت صحيحة
o يوجه الإساءة إلى الآخرين من خلال السب أو القذف باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات.
جهود الدولة في مكافحة الجرائم الواقعة على الأشخاص:
تسعى دولة قطر بشكل مستمر إلى تعزيز جهودها لمكافحة الجرائم الواقعة على الأشخاص من خلال تحديث التشريعات وتطبيق القوانين بشكل صارم، وتعمل وزارة الداخلية والشرطة القطرية على محاربة الجرائم عبر توفير برامج توعية لتثقيف المجتمع حول كيفية حماية أنفسهم من هذه الجرائم وأيضا المتابعة اللصيقة والمراقبة لكل فعل يشكل جريمة وتقديم مرتكبه فورا الي محاكمة عادلة ، الامر الذي ساهم في انخفاض مستوى الجريمة في دولة قطر بشكل عام ،والجرائم الواقعة على الأشخاص بشكل خاص في السنوات الأخيرة ، وحيث وفقا لأخر إحصائية عن لجنة الإحصاء والتخطيط القطرية فان الجرائم الواقعة على النفس تظهر إحصائيات في قطر خلال الفترة من 2020 إلى 2023 اتجاهين متناقضين. فقد انخفض عدد قضايا الجنايات بشكل ملحوظ من 643 قضية في عام 2020 إلى 423 قضية في عام 2023. وفي المقابل، ارتفع عدد قضايا الجنح بشكل تدريجي من 692 قضية في عام 2020 إلى 1029 قضية في عام 2023. وتشير هذه الاتجاهات إلى انخفاض في الجرائم الجنائية الخطيرة، بينما تشهد الجرائم الأقل خطورة (الجنح) ارتفاعًا ملحوظًا.
وفي السنوات الأخيرة، قامت قطر بتحديث بعض القوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وجرائم الابتزاز عبر الإنترنت مثل القانون رقم 14 لسنة 2014 سابق الذكر ، كما تولي السلطات القطرية اهتمامًا كبيرًا لمكافحة العنف الأسري وتهتم بتوفير مراكز دعم وحماية للضحايا.
التحديات المستقبلية:
رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها الدولة، تواجه قطر تحديات مستمرة في مكافحة الجرائم الواقعة على الأشخاص، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية والعنف الأسري. من أبرز هذه التحديات:
- التطور التكنولوجي: مع تزايد استخدام الإنترنت، أصبحت الجرائم الإلكترونية مثل التنمر الإلكتروني والتهديدات عبر الإنترنت تشكل تهديدًا جديدًا لسلامة الأفراد وأدي ذلك أيضا لانتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني في ظل هذا التطور التكنولوجي الكبير ، والمشرع القطري وتماشيا مع هذا التطور شدد العقوبات ضد جرائم الاحتيال والابتزاز الإلكتروني، حيث تصل العقوبات للحبس 3 سنوات والغرامة 100 ألف ريال وَفقا لقانون الجرائم الإلكترونية القانون رقم 14لسنة 14 والذي نص على ذلك في المادة 9 ، وأن المشرّع القطري فطن لهذا التطور والتقدم التكنولوجي ليضفي الحماية التشريعية ضد الممارسات الإلكترونية غير المشروعة، واعتبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة لإكراه شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه جريمة يعاقب عليها القانون .
- التوعية المستمرة ,: وتولي وزارة الداخلية القطرية أهمية كبيرة لتوعية المجتمع للجرائم التي قد تواجه الأشخاص في حياتهم اليومية مثل جرائم الابتزاز الالكتروني والاعتداء وخلافه ولخطورة الجرائم الالكترونية الناتجة عن التطور التكنلوجي تحديدا فقد أولت لها وزارة الداخلية اهتماما كبيرا في التوعية من خلال الندوات التثقيفية وحملات التوعية القانونية في الاعلام ومن خلال السوشيال ميديا وتطبيقات وزارة الداخلية المستخدمة في قطر للمساعدة في الإبلاغ عن هذه الجرائم وبصورة عاجلة من خلال الخطوط الساخنة التي اطلقتها وتطبيقات مطرا ش وكذلك حساب وزارة الداخلية على منصة إكس ، ولكن وعلى الرغم وجود برامج توعية، هناك حاجة لزيادة الوعي المجتمعي حول الجرائم مثل العنف الأسري والاعتداءات الجنسية.
الخاتمة:
تظل الجرائم الواقعة على الأشخاص من القضايا الجوهرية التي تركز عليها السلطات القطرية. ورغم النجاح الواضح في الحد من هذه الجرائم بفضل التشريعات والعقوبات الصارمة، فإن التحديات المستقبلية تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع لضمان بيئة آمنة ومستقرة للجميع. من خلال التزام الدولة بالقوانين وتوفير برامج التوعية، من المتوقع أن تظل قطر من الدول التي تحافظ على الأمن الاجتماعي وتحمي حقوق الأفراد.
رابط لاستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة:
تدعم استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر تعزيز بيئة آمنة ومستقرة من خلال تشريعات ومبادرات تهدف إلى حماية الحقوق الشخصية وتوفير حياة كريمة لجميع الأفراد.
1. استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة