الشفعة في القانون القطري

الشفعة حق قانوني يمنح مالك العقار أو الشريك في العقار أو صاحب الحق في الانتفاع به أو الجار أن يشتري العقار من المشتري الجديد بنفس الثمن الذي تم بيعه به، وذلك خلال مدة محددة قانوناً.
والحِكمة من مشروعية الشفعه هي حماية مصالح المالك أو الشريك أو صاحب حق الانتفاع من خلال منع بيع العقار إلى شخص غريب عنهما، مما قد يؤثر على حقوقهم أو يسبب لهم ضرراً، لذلك شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما اشتري نصيب شريكه عدو له،أو صاحب خلق سيئ، فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر،فإذا أرادَ شخص بَيْعَ نَصيبِه وأخْذَ عِوَضِه كانَ شَريكُه أَحَقَّ بدفع العِوَضِ مِن الأجْنَبيِّ، فيَزولُ عنه ضَرَرُ الشَّرِكةِ،ولا يَتَضرَّرُ البائِعُ؛ لأنَّه يَصِلُ إلى حَقِّه مِن الثَّمَنِ. وكذلك مِن حِكَمِ مَشْروعيَّةِ الشُّفْعةِ دَفْعُ ما يَنشَأُ مِن الضَّرَرِ على الجارِ.
وتتحقق الشفعة بوجود ثلاثه اركان (الشفيع) وهو الذي يملك الحق في الشفعة وهو الشريك دون غيره كما بيّن جمهور العلماء و(المشفوع عليه ) وهو الشريك الجديد الذي انتقل اليه الملك ،وهذا الانتقال يشترط فيه العوض و (المشفوع فيه ) وهي العين المتنازع حولها أي التي سيتملكها الشفيع بالشفعة ولا تكون الشفعة في الاموال المنقوله وعروض التجاره والأمتعه،وتتحقق الشفعة بشروط ومنها خروج العقار من ملك صاحبه خروجاً حقيقياً لازماً دون وجود الخيار و العقود يتشرط فيه المعاوضة أي بمقابل ( عقد بيع ).
وقد نصت المادة 921 من القانون المدني رقم (22) لسنة 2004م على أنه يثبت الحق في الشفعه لمالك الرقبة إذا تم بيع حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه، وللشريك في الشيوع إذا بيعت حصة شائعة في العقار الشائع لأجنبي، ولمالك حق الانتفاع إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها، ولمالك الرقبة في الحكر إذا بيع كل حق الحكر الملابس لها أو بعضه، وللمستحكر إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لحقه أو بعضها.
ويثبت حق الشفعه للجار المالك في حالة إذا كانت العقارات من المباني أو الأراضي المعدة للبناء أو إذا كان للأرض المبيعة حق ارتفاق على أرض الجار،أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة او كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين وتساوي من القيمة نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل،وما استقر عليه راي الفقه في قول أبو حنيفة والثوري: تثبت الشفعة بالجوار الملاصق ولو من جانب واحد،وذلك استدلالا بحديث أبي رافع عن النبي ﷺ أنه قال: (الجار أحق بسقيه) أخرجه البخاري، والشافعي، وأحمد، وأبو داود،والنسائي وأصحها رواية البخاري.
كما تناول القانون المدني رقم (22) لسنة 2004 في الفقرة الأولى من المادة 923 الحالات التي لايجوز فيها الاخذ بالشفعة وذلك في حالةإذا تم البيع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، او إذا وقع البيع بين الأصول والفروع ، او بين الزوجين، او بين الأقارب حتى الدرجة الرابعه او بين الاصهار حتى الدرجة الثانية أو اذا تم البيع ليكون المبيع محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة ، و نصت المادة 924 من ذات القانون على انه:( إذا اشترى شخص عيناً تجوز فيها الشفعة، ثم باعها قبل تسجيل رغبة الشفيع في الأخذ بالشفعة، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني، وبالشروط التي اشترى بها) وإذا بيع العقار لعدة أشخاص مشاعاً بينهم، فلا تجوز الشفعة إلا فيه بتمامه، أما إذا عين في العقد نصيب كل منهم مفرزاً، كان للشفيع الحق في طلب أخذه بتمامه، أو أخذ نصيب واحد أو أكثر، مع مراعاة القواعد المقررة لطلب الأخذ بالشفعة، و يحق لاي من البائع والمشتري أن يوجه للشفيع إنذاراً رسمياً يعلمه فيه بالبيع ويشتمل الإنذار على اسم كل من البائع والمشتري ولقبه وموطنه وبيان المبيع بياناً كافياً، وبيان الثمن والمصروفات الرسمية وشروط البيع والا كان الاجراء باطلا.
وفي حال رغب الشفيع الأخذ بالشفعة يجب عليه أن يعلن رغبته في ذلك إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالبيع، وإلا سقط حقه، ويزاد على هذه المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك ويجب أن يكون إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة رسمياً، وإلا كان باطلاً. ولا يعتبر هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل.
كما تناول المشرع القطري حالات يسقط فيها حق الشفيع في الأخذ بالشفعة اذا لم يعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة خلال ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع، و في حالة تنازل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة صراحة أو ضمناً ولو قبل البيع ويعتبر التعبير عن النزول صراحة هو أفضل الطرق للتأكد من أن الشفيع قد تنازل عن حقه في الشفعة، أما النزول ضمناً، فيتحقق في بعض الحالات،مثل:
- إذا قام الشفيع بشراء العقار من المشتري الجديد بنفس الثمن الذي تم بيعه به.
- إذا قام الشفيع ببيع العقار إلى شخص آخر بعد علمه بالبيع.
- إذا قام الشفيع بإقرار المشتري الجديد بملكيته للعقار.
ولا يسقط الحق في الأخذ بالشفعة بموت الشفيع وإنما ينتقل إلى ورثته.
ختاما، يمكننا القول أن حق الشفعة هو مفهوم قانوني يحمل معه أهمية كبيرة في عالم القوانين والعقود، و يعتبر آلية هامة لتحقيق التوازن بين مصلحة الأفراد في المجتمع، وتزيد من متانتها وتحافظ علي عدم تسبيب الشريك او الجار الضرر لشريكه او جاره وتنتزع بها الحقوق.