جرائـــم مخالفـة قوانيــن المـــرور

مقدمــــــة :
تُعد قوانين المرور من أهم القوانين التنظيمية التي تهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وضمان انسيابية الحركة على الطرق. إلا أن مخالفة هذه القوانين قد تُشكل جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة إذا نتج عنها ضرر جسيم أو كانت تنطوي على إهمال جسيم أو استهتار متعمد. تتنوع جرائم المرور بين المخالفات البسيطة، والجنح، وأحيانًا تصل إلى مستوى الجنايات في حالات معينة كحوادث الوفاة نتيجة القيادة تحت تأثير المخدرات أو السرعة الزائدة.
أولاً : تعــريــف :
جرائــم المــــرور هــــــي الأفعال التي تُرتكب بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لحركة الســـــير والمرور، سواء كانت عن طريق الفعل أو الامتناع، وتُرتب مسؤولية جنائية أو مدنية أو إدارية بحســــــب خطورة الفعل المرتكب.
ثانياً :الإطـار القانونـي الذي ينظــم الجرائـــم المرورية :
ينظم القانون رقم (19) لسنة 2007م كافة المسائل المتعلقة بالسير على الطرق ، بدءًا من شروط الحصول على رخص القيادة، مرورًا بضوابط قيادة المركبات، وانتهاءً بالعقوبات المقررة على المخالفين.
ثالثاً : المسؤوليــة الجنائيــة في جرائـــم المرور:
إن المسؤولية الجنائية تنعقد إذا تحققت أركانها بارتكاب الفعل الموجب للمسؤولية بالخطأ غير العمد، ثم حدوث الضرر من هذا الفعل ، ثم العلاقة السببية بين الفعل والضرر الناتج عن الخطأ، وهي الأركان المادية والمعنوية .(2)
الركن المادي: وهو الفعــل المجـرّم بموجب النص، كقيادة المركبــــة بسرعــــة زائدة.
الركن المعنوي: القصد أو الإهمال، ويُراعى عند تقديـــــر العقوبـــــــة
رابعاً : أنـواع جرائـــم مخالفـــــة قوانين المـــرور :
1- المخالفات المرورية البسيطة : تشمل الأفعال غير الجسيمة، مثل تجاوز الإشارة الحمراء، أو عدم ربط حزام الأمان. غالبًــــــا ما تُعاقب هذه الأفعال بالغرامة المالية.
2 - الجنح المرورية : مثل القيادة بدون رخصة، أو القيادة تحت تأثير الكحول أو المواد المخدرة. في هذه الحالة، يمكن أن تصل العقوبة إلى الحبس أو السحب الإداري للرخصة.
3 - الجنايات المرورية : تشمل الأفعال التي تؤدي إلى وفاة شخص أو إصابته بإصابة خطيرة، نتيجة الإهمال أو القيادة المتهورة. هنا يتدخل القانون الجنائي وتُطبق أحكام العقوبات مثل السجن لسنوات.
خامساً : تصنيف جرائـم المرور في القانـون القطـري :
v الجرائم المخلة بسلامة الطريق : تشمل التصرفات التي تُعرّض حياة الناس أو ممتلكاتهم للخطر، ومن أبرزها:
1/ القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات: حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات ، وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال.
2/ القيادة برعونة أو إهمال جسيم : حيث يمكن ان وتصل العقوبة إلى الحبس والغرامة
3/ القيادة بدون ترخيص : يُعاقب على قيادة مركبة بدون رخصة قيادة صالحة بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
4/ التسبب في الوفاة أو الإصابة : إذا ترتب على المخالفة وفاة شخص أو إصابته، تطبق المادة (92) التي تشدد العقوبة لتصل إلى الحبس الذي قد يمتد لعدة سنوات، وتُجيز المحكمة سحب الرخصة أو منع المحكوم عليه من القيادة مدة تصل إلى سنة. (1)
سادساً : العقـوبات الإداريــة :
لا يقتصر الامر على العقوبات الجنائية، بل يجوز لجهة المرور فرض عقوبات إدارية وذلك حسب ما جاءت به المادة (93) من القانون مثلا" سحب أو تعليق رخصة القيادة وحجز المركبة ونقاط المخالفات التي تُحتسب على السائق وتؤدي إلى سحب الترخيص عند بلوغ حد معين .
نشيرا انه تم تطبيق قانون المخالفات المرورية الجديد يوم الأحد الموافق (30/9/2023) ورصد المخالفات المرورية إلكترونيًا، خصوصًا حزام الأمان الذي لا يتقيد به الكثير أثناء القيادة ، واستخدام الجوال بمختلف الطرق: التصوير، المحادثة، اللمس، قراءة الرسائل النصية، ومشاهدة فيديوهات وغيرها، حيث أصبح أداةً ملهيةً تسبب قلة التركيز وعدم الانتباه وبالتالي الحوادث.
وضاعف القانون الذي أقره أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، غرامات التجاوزات المرورية على كثرتها واختلاف أنواعها، بنسبة (100%) في بعض هذه المخالفات. وعند تكرارها يتعرض المخالف للسجن لمدة سنة، ويتم سحب رخصة القيادة منه، وتصل نقاطه إلى (14) نقطة .
سابعاً : دور القضـاء القطـــري في التطبيـق :
أرست المحاكم القطرية مبدأ أن المخالفات الجسيمة لقانون المرور تُشكّل تهديداً للأمن العام، ويجد ر تشديد العقوبات عند تكرارها. كما أكدت أحكام محكمة التمييز أن تقدير جسامة الخطأ وتناسب العقوبة أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع، ما يعزز مرونة القاضي في التعامل مع ظروف كل واقعة على حدة.(3)
وأيضا استقرت المحاكم :
لما كان قانون المرور رقم (19) لسنة2007 قد نص في المادة (29) منه على أنه: "لا يجوز سياقة مركبة ميكانيكية على الطريق إلا بعد الحصول على رخصة سوق من السلطة المختصة تخول حاملها سياقة مثل هذه المركبة". وكانت المادة (94) من ذات القانون قد نصت على أن: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يخالف أياً من أحكام المواد (29/1)، ...." كما نصت المادة (99) من القانون ذاته على أن:" لا يجوز الأمر بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضي بها على المتهم..."
(طعن رقم: 80 لسنة 2009 تمييز جنائي )
وطبقا لما هو مستقر في المحاكم القطرية :
ولما كان وكانت جريمة سياقة مركبة دون الحصول على رخصة سوق من السلطة المختصة المؤثمة بالمادة (29) من قانون المرور رقم (19) لسنة 2007 وجريمة سياقة مركبة تحت تأثير المسكرات المؤثمة بالمادة ( 57/2) من ذات القانون وإن لزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية تتغاير في إحداهما عن الأخرى إلا أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو سياقة مركبة ، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل في سياقة مركبة هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطي لها والتي تتباين صورهما بتنوع أوجه المخالفة للقانون ولكنها كلها نتائج ناشئة عن فعل- السياقة- الذي تم مخالفاً القانون .
( طعن رقم 715 لسنة 2017 تمييز جنائي )
ثامناً : الاحصائيـات للمخالفـات المروريـة والحوادث :
بيان عن احصائيات إدارة المرور في الفي الفترة من يناير الي شهر ابريل في هذا العام 2025 حيث تم تسجيل 2,276 بلاغاً مرورياً . وتسجيل 1,264 حادثاً مرورياً 1,017 حادث بسيط (تصادم دون إصابات) ، 247 حادثاً جسيماً (تصادم مع إصابات)
كشفت الادارة العامة للمرور عن الإحصائيات الرسمية لعام 2024 وتسجيل عدد كبير من المخالفات والحوادث المرورية التي تؤكد الحاجة الملحّة لتعزيز الوعي المروري وتشديد العقوبات على المخالفين للحد من هذه الظواهر ، و تشير الإحصائيات عن :
تجاوز السرعة المقررة: 1,926,320 مخالفة، ما يجعلها الأكثر شيوعاً ، عــــــدم ربط حـــــــــزام الأمــــــــان: 152,367 مخالفة ، تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء: 173,793 مخالفــــــــة ، والقيادة بتهور ورعــــــونة: 11,307 مخالفــــــــات ،واستخدام الهاتف أثناء القيادة: 79,019 مخالفة ،قيادة مركبات تصدر أصواتاً مزعجة: 27,163 مخــــــــالفة.
كما تشير إحصائيات الربع الأخير للعام المنصرم انه تم تسجيل 61,553 مخالفة متعلقة باستخدام الهاتف وعدم ربط حزام الأمان ، وتعتبر الوفيات الناجمة عن الدهس: 90 حالة (32% من إجمالي الوفيات) ، الوفيات الناتجة عن التصادم: 194 حالة (68% من إجمالي الوفيات) . (4)
تاسعاً : التوعيــــــة والوقايـــــة:
ان الوقاية عبر التوعية المرورية تظل من أهم الأدوات، بالرغم من القانونين الصارمة حيث تقوم الدولة بعدة مبادرات منها:
1/ حملات التوعية عبر وسائل الإعلام .
2/ إدخال مفاهيم السلامة المرورية في التعليم .
3/ دعم أنظمة المراقبة الذكية في الطرق (مثل الرادارات والكاميرات الذكية) .
خاتمـــــة :
إن احترام قوانين المرور مسؤولية جماعية، وعدم الالتزام بها يؤدي إلى تهديد الأرواح والممتلكات، وعلى القانون أن يتعامل بصرامة مع الجرائم المرورية، خاصة في ظل تزايد الحوادث المرتبطة بالإهمال والسرعة الزائدة . فلا بد من تحقيق التوازن بين الردع القانوني والوقاية المجتمعية لضمان السلامة المرورية للجميع، كما يسعى القانون القطري إلى تحقيق الردع العام والخاص. غير أن تكامل الجهود بين التشريع والتوعية والتقنية يُعد السبيل الأمثل لبناء منظومة مرور آمنة في الدولة .