تعرف على حقوق المقاول من الباطن على ضوء القانون القطرى

تنبع أهمية هذا الموضوع من انتشار عقود المقاولات نتيجة للتطور العمرانى الرهيب الذى شهدته دولة قطر ولا زالت ، ومن ثم كثرت النزاعات القضائيه حول هذه العقود لذا تناولها القانون المدنى القطري رقم (22) لسنة ، 2004ونظم أحكامها فى المواد من 682 الى 715 بداية بالنص على القواعد العامة للمقاولة مروراً بالحديث عن التزامات المقاول ،و التزامات رب العمل ثم الحديث عن المقاولة من الباطن ، وانتهاء المقاولة ، وأخيرا بتنظيم أحكام خاصة بمقاولات المباني والإنشاءات
و نبدأ هنا بتعريف عقد المقاولة كما أوردته المادة (682) من القانون المدني القطري ، بأنّه «عقد يلتزمُ بمقتضاه أحد الطرفين أن يصنعَ شيئًا أو أن يؤدي عملًا للطرف الآخر لقاء أجر، دون أن يكونَ تابعًا لهذا الطرف أو نائبًا عنه»..
وقد حدد عقد القانون المدنى التزامات التزامات كل طرف فى عقد المقاولة من الباطن إلا أننا هنا سنتحدث عن حقوق المقاول من الباطن المنصوص عليها فى القانون تجاة المقاول الأصلى وتجاه رب العمل ،وقد نصت المادة( 701 ) من القانون المدني فى الفقرة الأولى منها على أنه "يجوز للمقاول أن يوكل في تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن إذا لم يمنعه شرط في العقد أو لم يكن من شأن طبيعة العمل أن تكون شخصية المقاول محل إعتبار ".
فالذى يحكم العلاقه بين المقاول الأصلى والمقاول من الباطن هو عقد المقاولة من الباطن فيلتزم المقاول الأصلى بجميع التزامات رب العمل تجاه المقاول من الباطن والتى أهمها أن يبذل ما في وسعه لتمكين المقاول من الباطن من إنجاز العمل ، ويلتزم المقاول الأصلى بتسلم العمل وتقبله من المقاول من الباطن ، كما يلتزم بدفع الاجره إلى المقاول من الباطن .
والأصل أن العلاقة بين رب العمل والمقاول من الباطن علاقة غير مباشرة إذ لا يربطهما أي تعاقد ، فالتعاقد إنما يربط رب العمل بالمقاول الأصلي ، ويربط المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن ، فلا يطالب رب العمل المقاول من الباطن مباشرة بالتزاماته ، بل الذي يطالب بها المقاول الأصلي كما لا يطالب المقاول من الباطن رب العمل مباشرة بالتزاماته ، وإنما يطالب بهذه الالتزامات المقاول الأصلي ولكن المشرع وضع أورد استثناءاً هاماً صيانة لحقوق المقاول من الباطن وهو جواز مطالبة المقاول من الباطن وعماله وعمال المقاول الأصلي لرب العمل بالأجر مباشرة حيث تنص المادة( 702 ) من القانون المدني على ما يأتى:-
" 1- يكون للمقاول من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول الأصلي في تنفيذ العمل حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذي يكون مديناً به للمقاول الأصلي من وقت رفع الدعوى ويكون لعمال المقاول من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل .
2- وللمقاول من الباطن وللعمال المذكورين عند توقيعهم الحجز تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلي أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز ويكون الإمتياز لكل منهم بنسبة حقه ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة .
3- وحقوق المقاول من الباطن والعمل المقررة بمقتضى هذه المادة، مقدمة على حقوق من ينزل له المقاول عن حقه قِبَلَ رب العمل. " .
جاء نص هذه المادة لكى يحمى المقاول من الباطن من مزاحمة دائنى المقاول الاصلى ومد حمايته إلى عمال المقاول الأصلى وعمال المقاول من الباطن فأعطى هؤلاء جميعاً دعوى مباشرة وحق امتياز يجنبهم مزاحمة دائني المقاول الأصلي فلا يقاسمه فيه سائر دائنيه مقاسمة الغرماء ،وبالتالى متى رفع المقاول من الباطن أو العامل الدعوى المباشرة على رب العمل ، أمكنه أن يحصل من طريق هذه الدعوى على جميع ما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت الإنذار بالوفاء ، وذلك في حدود ما هو مستحق له في ذمة المقاول الأصلي . فيتوقى بذلك من مزاحمة سائر دائني المقاول الأصلي ، وهذه هي المزية الكبرى للدعوى المباشرة .
أخيراً عالج القانون حالة أن ينزل المقاول الأصلي عن حقه في ذمة رب العمل عن طريق حوالة الحق حيث يؤخذ من الفقرة الثالثة من المادة( 702 ) سالفة الذكر أن الحوالة لا تسري في حق المقاول من الباطن أو العامل ، ولو كان نفاذها سابقاً على الإنذار بالوفاء أو على توقيع الحجز ، بل يقدم في جميع الأحوال حق المقاول من الباطن أو العامل على حق المحال له .
وفى النهاية كل هذه الضمانات وغيرها التى نص عليها القانون القطرى لحماية حقوق المقاول من الباطن بإعتباره الطرف الأضعف فى عقد المقاولة من شأنها أن تطمئن الشركات الصغيرة والناشئة ومن شأنها أيضاً جذب كثير من الإستثمارات الأجنبية إلى الدولة مما يعود بكثير من الفوائد على الإقتصاد الوطنى.