س
Loading...

تشريعات الصحة والسلامة

By: MAS TEAM

At: February 16, 2025

Share post:
 تشريعات الصحة والسلامة

شهدت  تشريعات الصحة والسلامة المهنية تطورًا كبيرًا على مدار العقود الماضية، مدفوعةً بالتغيرات الصناعية والتكنولوجية وزيادة الوعي بأهمية حماية العمال. يمكن تقسيم هذا التطور إلى عدة مراحل الاتية :

كانت البدايات في  أوائل القرن الـعشرون مع الثورة الصناعية ، زادت الإصابات والوفيات في مواقع العمل بسبب نقص اللوائح التنظيمية. في هذه الفترة، بدأت بعض الدول الصناعية مثل بريطانيا وألمانيا في إصدار قوانين أولية لتنظيم ظروف العمل .

بعد الحرب العالمية الثانية، زاد الاهتمام العالمي بتحسين ظروف العمل، وظهرت مؤسسات دولية مثل منظمة العمل الدولية (ILO) التي أصدرت اتفاقيات ومعايير تتعلق بالصحة والسلامة المهنية، مثل اتفاقية السلامة والصحة المهنية رقم 155 لعام 1981م ، التي وضعت إطارًا عامًا لحماية العمال في جميع الدول الأعضاء.

 اما في  أوائل القرن الـ 21 وهو عصر التحديث والتشريعات الشاملة  بدأت الدول في إصدار قوانين أكثر تفصيلًا تُلزم الشركات باتباع معايير صارمة للسلامة المهنية. على سبيل المثال:

    أ / الولايات المتحدة، أنشأت إدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) عام 1970 لوضع وإنفاذ معايير السلامة.

     ب / الاتحاد الأوروبي، صدرت توجيهات السلامة والصحة المهنية (EU Directives) مثل التوجيه الاطاري  الذي ارسى علي الالتزامات عامة على أصحاب العمل لضمان بيئة عمل آمنة.

العصر الرقمي والتحول مع التقدم التكنولوجي، ظهرت تشريعات جديدة تأخذ في الاعتبار المخاطر الحديثة، مثل: السلامة في التعامل مع الذكاء الاصطناعي والروبوتات في بيئة العمل. الوقاية من الإجهاد المهني والأمراض النفسية المتعلقة بالعمل.

             من أهمِّ الوسائل الناجحة لخفض معدل الحوادث: هو التدريب، حيث يعمل التدريب على التوعية بالصحة والسلامة من خلال تزويد العاملين  بالمعرفة حول كيفيَّة تجنُّب الحوادث من خلال تحديد المخاطر المهنيَّة في مساحة عملهم، وكيفيَّة إيجاد حلول مختلفة للقضاء على تلك المخاطر كلما ظهروا بأنفسهم، وانطلاقًا من كونه:

يلعب دورًا إيجابيًّا في تنمية الموارد البشرية

 يُكْسب العامل مهارات تُمكِّنه من تأدية العمل بخطوات صحيحة تضمن سلامته،

 أن تكون موضوعات البرنامج التدريبي ملائمةً للفئة المستهدفة وثقافتها، وطبيعة الأعمال

يجب تنفيذ البرنامج التدريبي بواسطة خبراء محترفين ، وتقييم البرامج وتطويرها بصفة مستمر .

           تشهد التكنولوجيا تطورا سريعًا في العصر الحديث  ، ومن أجل الحفاظ على بيئة عمل آمنة للعمال في الفترة الأخيرة في المنطقة العربية ، اتَّجه بعض المصانع مؤخرًا إلى توظيف تكنولوجيا المعلومات الحديثة؛ كالذكاء الاصطناعي ، والطائرات بدون طيار، وغيرها من الحلول التكنولوجية الأخرى ، حيث  يمكن عبرها جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالمخاطر، ما يساعد في تحديد المخاطر المحتملة قبل وقوعها ،  وتستخدم نظم البرمجيات لتسجيل وتتبع الحوادث وذلك ما يسمى نظم إدارة الحوادث . وأيضا تطبيقات التواصل الفوري وذلك بتحسين التواصل وتعزز من سرعة التواصل بين فرق السلامة والموظفين ، مما يسهم في تبادل المعلومات الحيوية بشكل أسرع  ويمكن إرسال تنبيهات فورية بشأن المخاطر أو التعليمات الجديدة عبر تطبيقات الهواتف الذكية.

          استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في مواقع الإنشاءات يمثل تقدمًا كبيرًا في تحسين بيئة العمل وتقليل الحوادث والمخاطر حيث يمكن من خلال ذلك التنبؤ بالمخاطر  التي يكون احتمالية  وقوعها  في مواقع العمل ،  واستخدام تقنيات التعرف على الصور والفيديو لتحليل لقطات من مواقع البناء واكتشاف سلوكيات خطرة، مثل عدم ارتداء معدات الوقاية الشخصية (PPE) أو العمل في مناطق غير آمنة.

          ان فقدان العامل لوظيفته نتيجة لإصابة العمل لها اثر على الاقتصاد القومي  لفقدان الدخل اللازم لإعالته وعائلته ، مما ينتج اثر عكسي علي المجتمع ككل وان تلك الخسارة تلقى على عاتق المجتمع والدولة وبالتالي  الموارد الاقتصادية اما عن الاثار الإيجابية وفوائد السلامة والصحة المهنية علي الاقتصاد ينعكس ذلك على تحسين مستوى إنتاجهم الذى يؤدي الي تحسين جودة الإنتاج ، ورفع الأرباح وبالتالي رفع دخل  الفرد وتحسين مستوى المعيشة ، فإن وضع أسس للسلامة والصحة المهنية يساعد علي فتح أسواق جديدة امام منتجات وطنية وذلك يحفظ إيرادات اقتصادية كان من الممكن ان تهدر علي تغطية  تعويضات  تتعلق بإصابات العمل والوفيات التي  تخسرها المؤسسات الحكومية وشركات  التأمين كل عام مما يعكس علي بدء توفير تلك الإيرادات لما فيه المصلحة العامة والنمو الاقتصادي.

          اما عن دور المنظمات الدولية تقوم منظمة العمل الدولية (ILO) بتطوير اتفاقيات وتوصيات تحدد معايير الحد الأدنى للسلامة والصحة المهنية، مثل الاتفاقية رقم 155 بشأن السلامة والصحة المهنية. وتعمل منظمة الصحة العالمية (WHO) على وضع إرشادات صحية متعلقة بمخاطر بيئات العمل ، وأيضا تساهم المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) في إصدار معايير مثل ISO 45001، التي تحدد متطلبات أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية.

          إن  السلامة والصحة المهنية من ركائز التنمية المستدامة في كافة المجتمعات المتقدمة والمجتمعات التي ترغبُ في تحقيق التنمية المنشودة، ولا يتحققُ ذلك إلا  التعاون بين القطاعين العام والخاص وهي مسؤولية تشاركية   من خلال الاهتمام بالعامل ويكون ذلك بالتوعية ودعم الأبحاث والتقنيات وتحفيز الاستثمار  في حلول السلامة  وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية  .

          بالتحدث  عن المسؤولية القانونية  تجاه الحوادث والاصابات  التي تصيب العمال في أماكن العمل  يعتمد ذلك علي القوانين المعمول بها في كل دولة وتشمل مسؤولية صاحب العمل من جانب ومسؤولية العامل من جانب اخر ،              حدد القانون القطري  مسؤوليات واسعة النطاق تقع على عاتق صاحب العمـل لتوفيـر ظروف عمـل آمنة وحماية العمال من المخاطر وضمان اتخاذ الاحتياطات اللازمة ، حيث نصت  المادة (99)من  قانون العمل رقم ( 14) لسنة 2004م  القطري: (على صاحب العمل أو من ينـوب عنـه أن يحيط كل عامل عند بدء الخدمــــة بمخاطـر عملـه، وعلى ما يستجـد منهـا بعـد ذلك ، ويعرفه بوسائل الوقاية منها، وأن يعلق في مكان ظاهر تعليماته المفصلة بشأن وسائـل الصحـة والســــــلامة المهنيــــــة لحماية العمــــال من الأخطــــار التي يتعرضون لها أثناء تأديــــــة عملهـم ) .

          ونصت المادة (100) من ذات  القانون ( على صاحب العمل أن يتخـذ الاحتياطات اللازمـة لحماية العمال  أثناء العمل من أية إصابة أو مــرض قد ينشـــــأ عن الأعمــال التي تــؤدى في منشأته...........).

              وذكر  ان حق العامل الذي اصيب بإصابة عمل ان يتلقى العلاج المناسب على نفقة صاحب العمل هذا ما اهتم به المشرع القطر وجاء ذلك في نص المادة (109): ( للعامل الذي أصيب بإصابة عمل، الحق في أن يتلقى علاجاً يتناسب مع حالته على نفقة صاحب العمل وذلك وفقاً لما تقرره الجهة الطبية المختصة...........).

         ولم يغفل عن حق العمل  في الحصول علي التعويض   حيث نصت  المادة (110)  (( لورثة العامل الذي يتوفى بسبب العمل، وللعامل الذي يُصاب بإصابة عمل نتج عنها عجز كلي دائم أو جزئي، الحق في الحصول على التعويض.......).

           اما من الجوانب الصحية للعاملين فتعتبر الامراض النفسية من التحديات الشائعة في مكان العمل ، والتي تؤدي الى زيادة التكاليف الطبية  والغياب عن العمل ، يمكن تقليل هذه التكاليف من خلال توفير بيئة عمل صحية نفسياً ، تقوم بدعم وتعزيز العافية  ، وان الاستثمار في السلامة النفسية يساهم في تقليل التوتر وزيادة التركيز  فالتالي تتحسن الإنتاجية وتقليل نسبة الأخطاء  ، وبذلك فان شعور الموظفون بان صحتهم تحظى بالاهتمام  في مكان العمل ، فهذا يعزز الرضا والولاء تجاه الشركة او المؤسسة ويساهم في تقليل نسبة التحاق الموظفين بالشركات الأخرى وتعزيز الجو الإيجابي داخل الفريق .